وعموم الأمر بالطاعة وإطلاقه في الآية. كما أنه ليس من العقل في شئ، فلو سلم الناس لأولي الأمر فيما يصعب عليهم إدراكه وفهمه من القرآن والسنة.. فهذا التسليم ليس أولى من التسليم لهم فيما يسهل على الناس إدراكه وفهمه من ظاهر القرآن، لأن قدرة أولي الأمر في إدراك ما صعب على الناس إدراكه وما بعد عن أفهامهم يبث الطمأنينة والتسليم لهم فيما يأمرون به من أوامر يدركها الناس من ظاهر الآيات والسنة، إذ لا يقول أحد إن ما يدركه الناس من ظاهر القرآن يصعب إدراكه على أولي الأمر.
إذا، فالتسليم لأولي الأمر الظاهر دليله من الكتاب أو السنة أولى. ومن هنا فالتسليم لهم فيما صعب على أفهام الناس والتسليم لهم فيما سهل على الناس إدراكه من الظاهر ينفي اشتراط إقامة الدليل على صحة أو بطلان ما أمر به أولو الأمر.. هذا من ناحية المقايسة بين أولي الأمر وعامة الناس من حيث العلم والأعلمية.
وأما إذا ثبتت للناس ولايتهم وإمامتهم بالنص الإلهي وثبتت بذلك عصمتهم، فإن التسليم لهم يكون أحجى وأبلغ وأكمل في هداية الناس وصيانة الأمر، وهذا ما أراده الوحي من الأمر بطاعتهم وإيجابها.
فقول الطبري بأن أولي الأمر هو الولاة والأمراء صحيح لا غبار عليه، ونضيف إليه قول الرازي بعصمتهم، فنخلص عندئذ إلى قول الشيعة بأنهم الأئمة المعصومون من أهل البيت عليهم السلام..
وأما قول الطبري باختيار وتولية المسلمين لهم، وقول الرازي بأنهم أهل الحل والعقد.. فقد وضح بطلان هذين القولين، وعدم استقامتهما شرعا وعقلا.
وأما القول بأن أولي الأمر هم أبو بكر وعمر.. فهذا قول لا يصح من وجوه:
أولا: إنهما يفتقدان العصمة ولا ينسبها أحد إليهما. وأولو الأمر قد ثبتت عصمتهم، ووجبت طاعتهم على الناس.
ثانيا: لو كانا هما المعنيين بأولي الأمر في الآية لوجبت طاعتهما، ولما خالفهما كبار الصحابة، ولما امتنع أكثرهم عن بيعة أبي بكر، ولما احتج بعضهم على استخلاف عمر، ولما خالف سعد أبا بكر وامتنع عن بيعة الصديق ومات وهو مخالف لهما ولم يقتد بهما في