5 - شيوع الجهل والتخلف بما أن الدين الإسلامي بشريعته السماوية الحقة، وأحكامه الشاملة لجميع نواحي الحياة، هو بإجماع الأمة دين محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وصالح لكل زمان ومكان، وقادر على الوصول بالإنسانية إلى أسمى ما يمكن أن يطمح له البشر من درجات الحضارة والسمو، فإن هذا يعني أن درجة تقدم أو تخلفهم في كل عصر ستعتمد بصورة أولية على درجة التوثيق والأمانة في نقل تعاليم هذا الدين السماوي.
وسلامة تفسير ما صح من نقله، علاوة على التفسير الموضوعي لأحداث التاريخ الإسلامي بعد النظر في سلامة نقلها أيضا ". فالتاريخ كما يقال هو عبارة عن (حقائق تكونت من ضلال الحركة والانتقال في آنات الماضي، لتصبح ركيزة للحاضر، الذي يحتضن المستقبل ويؤثر به ويرسم معالمه).
والأداة التي تحول أنات الماضي إلى ركيزة الحاضر هي الاجتهاد، ولكي يؤدي دوره الحيوي والفعال لا بد وأن يكون محددا " ضمن إطار الشرع الإسلامي الصحيح، ومعتمدا " على التراث التاريخي السليم، ومتفاعلا " مع حقائق العصر الحاضر.
وبالنظر في تعاطي المسلمين لتاريخهم، فإننا سنجده كما يصفه الشيخ المرحوم محمد الغزالي: (إنه لا غرابة في وجود أخطاء في تاريخنا الثقافي والسياسي، وإنما الغرابة في التستر على هذه الأخطاء أو الاستحماق في معالجتها والتعفية على آثارها... فالقتال الداخلي بين المسلمين أنفسهم [يقصد في الجمل وصفين] كانت له آثار بعيدة المدى على حاضرهم ومستقبلهم) (1).
ذلك أنه كان فعلا " للخلفاء وما جرى بينهم من حروب ومنازعات على الحكم الدور الكبير في تجهيل المسلمين، وإعطائهم تلك الصورة المشوهة