وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم) (1). وعندما أصر الناس بمطالبتهم، استجاب لهم الإمام عليه السلام وتمت له البيعة، والتي اعترفت بها جميع الولايات الإسلامية باستثناء ولاية الشام.
منهج الإمام وسياسته في الحكم حينما تولى الإمام علي عليه السلام أمور المسلمين، فإنه ورث من سلفه عثمان صعوبات كثيرة، وواقعا " في غاية الفساد والانحراف، لا سيما انشقاق معاوية عن الدولة الإسلامية وتفرده بالشام، الأمر الذي شق المجتمع الإسلامي إلى شقين، في كل منهما كيان لا يعترف بالآخر. وقد سارع الإمام إلى إعلان منهجه وسياسته إلى الناس منذ اللحظة الأولى لتوليه الحكم وبين لهم: (إن المسألة بالنسبة إليه ليست تبديل شخص بشخص آخر، وليست مسألة فارق اسمي بين زعيم الأمس وزعيم اليوم، وإنما المسألة اختلاف شامل للمنهج، وفي كل القضايا المطروحة) (2).
ومن هذه القضايا، إلغاء مبدأ التفاضل في العطاء وإعلان مبدأ المساواة بين المسلمين، واعتبارهم سواء في الحقوق والواجبات، وهو يقول: (الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه) (3). ويقول في كتابه لمالك الأشتر عندما عينه واليا " على مصر: (إنصف الله وانصف الناس في نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من