الفصل الثاني:
أخطر الآثار تفتت الأمة وانقسام إسلامها إلى فرق ومذاهب لم يكن ضمن تعاليم الشريعة الإلهية حين نزولها ما يجعل من المسلمين مذاهب وفرق متعددة تخاصم وتكفر بعضها بعضا " كما حصل على مر تاريخنا الإسلامي وإلى اليوم، وإنما كان الأمر الإلهي يجمع المسلمين تحت راية واحدة وأن يدينوا بإسلام واحد: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) [الأنبياء / 92].
وكان المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على دين واحد وهو التسليم بما جاء من عقائد التوحيد والنبوة واليوم الآخر وأحكام الدين الضرورية كأحكام الصلاة والصيام وغيرها، وكانوا يرجعون فيما اختلفوا فيه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان عندهم النبي والحاكم والقاضي راضين بذلك ومسلمين، ولم يكن حينئذ لأي أحد الفرصة لمنافسته أو مجرد التفكير بتكوين خط معارض أو بديل.
ولكن بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، وحتى قبل أن يوارى جثمانه الطاهر، بدأ النزاع على الزعامة والحكم، والذي كان في بدايته على شكل بروز تحزبات وتحالفات سياسية كما حصل في سقيفة الأنصار، ثم تحول إلى صراعات مسلحة وحروب دامية أودت بحياة عشرات الآلاف من المسلمين كما حصل في مواقع الجمل وصفين والنهروان. وبسبب هذه المآسي، وبتشجيع من السلطات بدأت الفرق والمذاهب بالتشكل والظهور، وأخذت تنقسم وتتفرع حتى صارت مع مرور الأيام وتوالي الحكومات تعد بالمئات. وبالرغم من