اليمن، ويروى أنه ونظرا " للطريقة الوحشية التي قتل فيها الطفلان فإن أمهما التي رأت ذلك أصابها الجنون وهامت على وجهها في الجبال والوديان.
وعندما وصل الإمام خبر هذه المجازر، أمر بتجهيز جيش فتثاقلوا، حتى أجابه إلى ذلك جارية بن قدامة السعدي، فبعثه الإمام في سرية من ألفي رجل، فتعقب رجال ابن أرطأة حتى أخرجهم من جميع تلك المناطق التي عاثوا فيها الفساد (1).
آخر أيام الإمام واستشهاده ظل الإمام يحاول جاهدا " تجهيز جيش يسير به لإخماد التمرد والفساد في وكره بالشام، إلا أن أهل العراق قد بدا منهم الضعف والتقاعس عن نصرته، وعندما يئس من استنهاض هممهم، ولم يجد معهم حثه لهم على الجهاد في سبيل الله، قام وخطب فيهم خطبة طويلة تفيض بالمرارة والتأسف لما آل إليه حال المسلمين وما سيؤول. ونقتطف من خطبته هذه ما يلي: (أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء...
ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء ليلا " ونهارا "، سرا " وإعلانا "، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات وملكت عليكم الأوطان... فيا عجبا "!
عجبا "!، - والله يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم... فقبحا " لكم وترحا " حين صرتم غرضا " يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون!... يا أشباه الرجال ولا رجال!... قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحا "، وشحنتم صدري غيظا "...، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي