وعندما علم يزيد بذلك، عمل كما أوصاه أبوه في حالة معارضة أهل المدينة، فأرسل إليهم جيشا " كبيرا " بقيادة مسلم بن عقبة اجتاح به المدينة وأباحها لجنوده ثلاثة أيام، قاموا خلالها بارتكاب أفظع الجرائم، فقتلوا ما يزيد عن خمسة آلاف من الناس، ونهبوا الأموال، وأحرقوا البيوت، واعتدوا على الأعراض، حتى قيل إنهم فتكوا بحرمة أكثر من ألف عذراء (1). وفي رواية لابن كثير أن ألف امرأة من أهل المدينة ولدت بعد هذه الجرائم من غير زوج (2). وحتى أن بعض الصحابة المتبقين كجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري هربوا إلى كهوف الجبال في تلك الأيام. (3). ثم قام مسلم بن عقبة بإكراه أهل المدينة ليبايعوا يزيد على أنهم عبيد له. واعترض الناس على ذلك، وكان منهم على سبيل المثال رجلان قالا: بل نبايع على كتاب الله وسنة رسوله، فقدمهما ابن عقبة وضرب أعناقهما (4). ضرب الكعبة بالمنجنيق وإحراقها بعد أن تم للجيش اليزيدي ما أراده في المدينة، توجه نحو مكة، وفي الطريق مات مسلم بن عقبة، فتولى قيادة الجيش الحصين بن نمير السكوني وحاصر الكعبة التي لاذ بها الثائر عبد الله بن الزبير، والذي سمى نفسه (العائذ بالبيت) بعد أن بايعه الناس هناك على الخلافة. فضرب الحصين الكعبة بالمنجنيق حتى انهدم معظم أجزائها، وقاتل ابن الزبير ببسالة، وساعده على الصمود رجال من أهل المدينة لحقوا به.
(١٣٧)