جهة أخرى، يمكننا فهم مغزى النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من تحذيره للصحابة وعموم الأمة في كل عصر من مغبة الوقوع في الفتن والنزاع بعده بقوله لهم:
(لا ترجعوا بعدي كفارا " يضرب بعضكم رقاب بعض) (1)!
وفيما يلي نلقي نظرة في حال أمهات الفرق الإسلامية والتي كانت ولادتها وتشكلها من نتاج أزمة الخلافة والإمامة، وهي أربة:
1) أهل السنة والجماعة 2) الشيعة 3) المعتزلة 4) الخوارج أولا ": أهل السنة والجماعة نشوء الفرقة وتطورها:
إن المفهوم السائد في أذهان عموم أهل السنة أن الإسلام الصحيح هو المتمثل بما هم عليه وحدهم، وأن غيرهم من الفرق الإسلامية إما ضالة ومنحرفة أو خارجة عن الملة، وقليلون من علماء أهل السنة من يعطوا الفرق الإسلامية الأخرى أهمية البحث والدراسة. ولماذا يعطوا ذلك الاهتمام ما داموا يرون أن لقب (أهل السنة والجماعة) يعني أنهم وحدهم أتباع السنة النبوية وأبناء الفرقة الناجية؟
أما إذا أردنا أن ننظر إلى هذه المسألة بصورة موضوعية، فالاسم وحده لا يكفي لتمييز فرقة على أخرى وتفضيلها، والاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو عنوان تقول به الفرق الإسلامية الأخرى كالشيعة والمعتزلة وحتى الخوارج. فكل هذه الفرق توجب التمسك بالسنة النبوية وتقديسها. فكيف إذن احتكر أهل السنة والجماعة هذا الوصف دون غيرهم من الفرق؟