وكثير من الأتقياء منحرفا " عن الجادة الدينية، وينبغي أن يغيره المسلمون ويضعوا مكانه البيت العلوي. والمرجئة لم يكونوا يوافقونهم على هذا الرأي لأنهم لا يريدون المفاضلة بين المسلمين ولا الحكم على أحد بتقوى وغير تقوى، فالمسلم يكفي أن يكون مسلما ") (1).
وقد وصف الخليفة العباسي المأمون هذا المعتقد الأموي بقوله:
(الإرجاء دين الملوك)، وقد بقي الأمر كذلك على مر تاريخ ملوك الإسلام!
ومن يتأمل في حال أنظمة الحكم الإسلامي في هذا الزمان، ونظرة المسلمين إليها، يرى أن هذا المعتقد لا يزال له وجود واقعي، لا سيما في طروحات بعض التنظيمات والجماعات الإسلامية، وبصورة واضحة تراها في خطب وعاظ السلاطين أو محترفي مهنة التدين. ولا يخفى على أحد أثر مثل هذا المعتقد ودوره في تكريس الظلم، وإفساح المجال للحاكم الظالم لأن يتوسع في ظلمه.
وعلى سبيل المثال، فإنه ولشدة إعجاب نظام آل سعود بالنظام الأموي ونوع العقائد التي قاموا ببثها، وشكل النظام السياسي الذي حكموا الأمة من خلاله، فإنه قرر ضمن مناهج التعليم المدرسي في المملكة بعنوان (حقائق عن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية)!، فخادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز يطمح من وراء هذا الكتاب جعل يزيد مثالا " للحاكم الإسلامي المعاصر، حيث إنه ما دام الصحابة والتابعون قد بايعوا يزيدا واعتبروه خليفة حقا " لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلماذا لا يحق لفهد أن يعتبر كذلك؟
وهذا المنطق المستوحى من الإسلام الأموي نجده واضحا " في قول أحد المدافعين عن شرعية النظام السعودي وإسلاميته: (هذه المملكة، دون غيرها من بلاد المسلمين، تجسيد حي لفكرة أن الإسلام هو الدين والدولة: رئيس الدولة هو إمام المسلمين قبل أن يكون الملك، ومن هذا المنطلق تخلى إمام