روح الإسلام التي لم تتمكن بعد من النفوس، ولو قدر لعلي أن ينتصر، لكان انتصاره فوزا " لروح الإسلام الحقيقية، الروح الخليقة العادلة المترفعة التي لا تستخدم الأسلحة القذرة في النضال، ولكن انهزام هذه الروح ولم يمض عليها نصف قرن كامل، وقد قضي عليها فلم تقم لها قائمة بعد - إلا سنوات على يد عمر بن عبد العزيز - ثم انطفأ ذلك السراج، وبقيت الشكليات الظاهرية من روح الإسلام الحقيقية. قد تكون رقعة الإسلام قد امتدت على يدي معاوية ومن جاء بعده، ولكن روح الإسلام قد تقلصت، وهزمت، بل انطفأت، فإن يهش إنسان لهزيمة الروح الإسلامية الحقيقية في مهدها وانطفاء شعلتها بقيام ذلك الملك العضوض، فتلك غلطة نفسية وخلقية لا شك فيها) (1).
ثم يبدد الشهيد قطب أوهام المتعلقين بأهداب التعصب المذهبي الأعمى في دفاعهم عن معاوية بقوله: (وبعد، فلست (شيعيا ") لأقرر هذا الذي أقول، إنما أنظر إلى المسألة من جانبها الروحي الخلقي، ولن يحتاج الإنسان أن يكون شيعيا " لينتصر للخلق الفاضل المترفع عن الوصولية الهابطة المتدنية، ولينتصر لعلي بن أبي طالب على معاوية وعمرو، إنما ذلك انتصار للترفع والنظافة والاستقامة...) (2).
2 - انتشار ظاهرة الوضع والدس في الحديث العامل الأساسي في تولد هذه الظاهرة الحديث الموضوع هو الكلام المختلق والمنسوب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذبا " وزورا " وبهتانا ". وبالرغم أنه كانت هناك أسباب ودوافع عديدة لظهور وضع الحديث والكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أنه لا يهمنا منها هنا سوى العامل السياسي وما يتضمن من اختلافات وصراعات حول زعامة الأمة الإسلامية، وإبراز دوره في التأثير على هذه الظاهرة.