ويفهم من ذلك أنه يستحيل أن يتوفر عندنا نظام إسلامي دون أن يكون رأس هذا النظام من المسلمين العالمين بعقائد الإسلام وأحكامه، والمطبقين لتعاليمه، ليس فقط على مستوى الشعائر والطقوس العبادية، وبل وقبل ذلك وأكثر أهمية تطبيق العدالة الاجتماعية، وتجسيد أخلاقية الإسلام في جميع العلاقات والشؤون، وما دون ذلك فهو ليس بالإسلام الذي نادى به محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذه المعايير لم يعمل النظام الأموي على بمخالفتها فقط، بل عمل على قلتها ونشر نقائضها من الظلم الاجتماعي، وإحياء النعرات الجاهلية وتشويه التعاليم الإسلامية ومسخها.
وإن كان هناك دين قد طبق، فهو الدين الذي شرعه معاوية، والذي كان من سننه المؤكدة ختم كل خطبة جمعة وعيد بسب الإمام علي ولعنه!، ولم يكن من هذا الدين في واقع الأمر سوى تطبيقات شكلية لمختلف الشعائر والطقوس، وقد أفرغت معانيها من روحية الإسلام وجوهره، وأفقدت بالتالي الغايات التي شرعت من أجلها.
يضاف إلى ذلك التشويه المتعمد للعقائد الإسلامية والتلاعب بمعانيها إلى حد السخرية والاستهزاء، ومن ذلك استحداث عبد الملك بن مروان عقيدة (الإرجاء) لسد الباب في وجه كل من ينتقد تلك المخالفات الصريحة التي كان يتركبها الخلفاء وحواشيهم، فما داموا مسلمين ناطقين لكلمة التوحيد، فإنه لا يجوز لأحد الخوض في أعمالهم أو انتقادهم عليها، فضلا " عن الحكم عليهم بأي وصف من أوصاف الكفر أو الفسق والعصيان، وإنما يجب (إرجاء) ذلك إلى الله سبحانه وتعالى الذي سيحاسبهم على تلك الأعمال. ومن البديهي أن يقوم الخلفاء الأمويون بنشر هذه العقيدة الفاسدة وأمثالها للتغطية على مفاسدهم، وإبعاد أنظار الناس وتفكيرهم من كل ما يتعلق بسياسة الحكم وسلوك الحكام. ويعلق الدكتور شوقي ضيف حول هذه المسألة: (إن أفكار المرجئة تخدم البيت الأموي، الذي كان في رأي الشيعة