وأطال زياد يوما " في خطبة الجمعة وآخر الصلاة، فقال له حجر: الصلاة، فمضى زياد في خطبته. فخشي حجر فوات الصلاة فقام وأراد تأدية الصلاة ولحقه الناس، فلما رأى زياد ذلك نزل وصلى بالناس. ثم كتب إلى معاوية في أمر حجر وصحبه. فكتب معاوية إلى واليه أن شدهم في الحديد واحملهم إلي.
وعند وصولهم إلى الشام في مرج عذراء قرب دمشق جاءهم رسول معاوية وقال لهم: إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم. فقالوا: لسنا فاعلي ذلك، وقاموا فصلوا. وقال حجر: أما والله لئن قتلتموني بها [مرج عذراء] فإني لأول المسلمين كبر في نواحيها، وأول فارس من المسلمين هلك في واديها [فحجر بن عدي هو الذي قام بفتح منطقة مرج عذراء أيام خلافة عمر] فقتلوه، وقتلوا ستة من أصحابه. وقال اثنان منهما: إبعثوا بنا إلى أمير المؤمنين، فإنا نقول في علي مقالته، فأذن لهما معاوية. فأما الأول فقد تبرأ من علي فعفا معاوية عنه. ونفاه إلى الموصل، وأما الثاني وهو عبد الرحمن العنزي فقال لمعاوية:
أشهد أن عليا " كان من الذاكرين لله تعالى كثيرا "، ومن الآمرين بالحق، والقائمين بالقسط، والعافين عن الناس. فرده معاوية إلى زياد وأمر أن يقتل شر قتلة، فدفنه زياد حيا ") (1).
شرب الخمر وقد أثبت هذه الحقيقة بعض رجال الحديث والسير، ومن هؤلاء أحمد بن حنبل في مسنده، حيث روى عن عبد الله بن بريدة، قال: (دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش، ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب، فشرب معاوية ثم ناول أبي (فرده) قائلا ": ما شربته منذ حرمه رسول الله) (2).