والناظر بإنصاف إلى واقع دولة الخلافة الإسلامية على طول تاريخها، فإنه يجد أن الشورى لم تتوفر إلا في خلافة علي حيث سعى إليه غالبية الناس بعد مقتل عثمان، وألحوا عليه بقبولها.
الخلفاء بعد أبي بكر وعلي لم تكن مناقشة هذا الفصل لمجرد المفاضلة بين خلافتي أبي بكر وعلي، وإنما للتثبت من المنهج المتكامل في نظرية الخلافة والإمامة حسب تشريعها الإلهي، وهذا يعني استمرار البحث للإثبات والتحقق من هوية الخلفاء الذين يفترض أن يلوا أمر المسلمين.
ولم نجد في الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ما يشير إلى هوية هؤلاء أكثر قوة من تلك الروايات المخبرة بإثني عشر منهم.
الاثنا عشر خليفة في الكتاب والسنة:
ونذكر أولا " الأحاديث التي أخرجها أصحاب الصحاح، والتي تشير إلى وجود اثني عشر خليفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:
ففي صحيح مسلم، نجد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يزال الدين قائما " حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة) (1)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا ": (لا يزال أمر الناس ماضيا " ما وليهم اثنا عشر رجلا ") (2).
وفي صحيح البخاري بالرواية عن جابر، نجد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن هذا الأمر لا يقتضي حتى يمضي فيهم عشر خليفة - قال: تكلم بكلام خفي علي، قال فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش) (3).