وفي تحذيره من الأخذ بالأحاديث الكثيرة المشبوهة التي وضعت على ما يبدو لإسناد هذا التأويل الفاسد لمسألة القضاء والقدر، يضيف الغزالي:
(جاءت في القدر أحاديث كثيرة نرى أنها بحاجة إلى دراسة جادة، حتى يبرأ المسلمون من الهزائم النفسية والاجتماعية التي أصابتهم قديما " وحديثا ") (1).
وأما الأحاديث التي يحذر الغزالي من أخذها على علاتها، فلا بد وأن تكون الأحاديث التالية من ضمنها، والتي أخرجها جميعا " مسلم في صحيحه:
فعن أبي هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: احتج آدم وموسى عليه السلام عند ربهما، فحج آدم موسى، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض!!! فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شئ وقربك نجيا "، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما ". قال آدم: فهل وجدت فيها (وعصى آدم ربه فغوى)؟ قال: نعم، قال: أفتلومني على أن عملت عملا " كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فحج آدم موسى) (2).
وأما عمرو بن العاص فإنه يختلف مع رواية أبي هريرة بعدد السنين بقوله: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقال: وعرشه على الماء) (3).
ويروي عمرو بن العاص أيضا ": (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء. ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك) (4).