حالة عودتهم إلى الكوفة، فأراد أن يسير بهم مباشرة إلى الشام وهم في عدة القتال وعزيمة الحرب. وعندما أصروا على موقفهم بالعودة إلى الكوفة، نزل بهم الإمام في معسكر قرب الكوفة، وأمرهم أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا أنفسهم على الجهاد، وأن يقللوا من زيارة بيوتهم حتى يسيروا إلى عدوهم من أهل الشام وهم بعزيمة وقوة، ولكنهم لم يصبروا على هذه الحال سوى أيام معدودات، وبدأوا يرجعون ويتسللون إلى الكوفة، حتى تركوا الإمام ومن معه إلا نفر قليل من رجاله المخلصين، فلما رأى الإمام ذلك، رجع بمن تبقى معه إلى الكوفة، وانكسر عليه رأيه في المسير، وحاول الإمام بعد ذلك استنهاض روح الغيرة والحمية فيهم، ولكنهم تقاعسوا وكرهوا الخروج إلى الحرب (1).
غارات معاوية على الولايات الإسلامية استغل معاوية حالة التفكك التي أصابت معسكر الإمام في العراق، وأخذ يتطلع لتوسيع رقعة إمارته، فبدأ يرسل الجيوش إلى مختلف الولايات الخاضعة لخلافة الإمام علي عليه السلام للإغارة عليها. وكانت ولاية مصر من أهم ما كان يطمح إليه معاوية لكثرة خراجها، فأرسل إليها عمرو بن العاص بجيش كبير، وتمكن من احتلالها، وقتل واليها محمد بن أبي بكر، والتمثيل فيه. ويروي المؤرخون أن عمرو بن العاص ومعاونه معاوية بن خديج وآخرين أخذوا محمد بن أبي بكر بعد إصابته وجعلوه في جوف حمار ميت وأحرقوه بالنار وهو لا يزال حيا " (2).
وكان الإمام قبل وصوله خبر مقتل محمد بن أبي بكر قد أرسل مالك الأشتر بجيش إلى مصر للدفاع عنها واستلام ولايتها، ولكن معاوية بن أبي