الإنسان المسلم يفقد وضوح الرؤية للأشياء، ويبتعد عن إمكانيات التمييز الدقيق بين ما هو واقع الساحة فيما يمارسه من حياة، وبين ما هو واقع الانتماء فيما يحمله من عقيدة وفكر، وبذلك فقد أصبح فريسة سهلة لكل الدعوات الكافرة والضالة والمنحرفة التي استغلت هذا الجهل بالإسلام، فعملت على تضليله، وإرباك تصوره لمبادئه والإيحاء له بأن الكفر لا يبتعد عن الإسلام وأن الضلال قد يأخذ دور الهدى.
وقد ساهم هذا الجهل في تعقيد عملية الإصلاح، لأن الصورة المشوهة التي يحملها الناس عن الإسلام فيما يفهمونه من عقائده وأحكامه، أصبحت تحمل في داخلها، معنى من القداسة، التي تتحول فيها الأخطاء إلى مقدسات، والأوهام إلى مبادئ، مما يجعل من قضية المناقشة فيها، فضلا " عن رفضها، أمرا " يبلغ حد الكفر، ويحمل معنى الانحراف، وبذلك أصبح للذهنية الأمية التي يحملها العوام، ضغط كبير على مسار الفكر الناقد لدى العلماء والمفكرين تحت ضغط الخوف من خسارة ثقة العامة. وهكذا بقيت الأوهام والأضاليل التي أفرزها واقع التخلف في حركة الذهنية العامة للإنسان واقعا " ثقافيا "، إسلاميا "، مقدسا "، معترفا " به) (1).
وبما أنه لا بد وأن يكون لكل تشريع حكمة وغاية، فإن تعطيل أي من تلك الأحكام المشرعة، أو فهمها على غير صورتها الحقيقية، أو تطبيقها على غير الطريقة التي أرادها الشارع المقدس، فإن ذلك لا بد وأن يولد آثارا " سلبية تخل في النظام الإسلامي العام، أو تجعل فيه فراغا " يتهيأ من خلاله فرص الإفساد والانحراف.
ونقدم فيما يلي أمثلة متنوعة وشواهد حية على هذا التخلف والجهل في فهم العديد من قضايانا الإسلامية المعاصرة وتطبيقها: