وقد انشقت عن الأشاعرة فرقة الماتريدية وهي نسبة إلى أبي منصور الماتريدي السمرقندي المتوفى سنة 322 هجرية، وكان أحد تلامذة الإمام أبو الحسن الأشعري. ولم تختلف مع الأشاعرة إلا باختلافات طفيفة كان فيها ميلا " نحو المعتزلة. وقد انقرضت هذه الفرقة مع الأيام.
5 - السلفية والوهابية:
فأما السلفية فهي حركة ظهرت في أواخر القرن السابع الهجري على يد أحمد بن تيمية كرد فعل على الإصلاحات العقلية التي أدخلها الإمام الأشعري على عقائد أهل الحديث، واعتبر ابن تيمية، والذي كان من فقهاء الحنابلة أن تلك الإصلاحات خروجا " عن السنة، فعمل على إحياء عقائد أهل الحديث مستنكرا التأويلات التي قدمها الأشاعرة للأحاديث التي أخذت منها تلك العقائد.
وأطلق ابن تيمية على طريقته عنوان (منهاج السلف الصالح)، فعرفت دعوته بالسلفية لأنه كان يدعو إلى العودة إلى سيرة السلف الصالح والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والتي - على رأيه - حاد عنها الأشاعرة والفرق الأخرى، ولم يقف عند هذا الحد، بل عمل على إظهار عقائد جديدة لم يناد بها ابن حنبل ولا أحد قبله، كقوله بأن السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والاحتفال بمولده الشريف والتبرك بآثاره والتوسل به وبأهل بيته وزيارة القبور بدعا " وشركا " ومخالفة لعقيدة التوحيد، وأنكر كثيرا " من الفضائل الواردة في أهل البيت عليه السلام المروية في الصحاح والمسانيد. وبسبب هذه التعديلات والإضافات، فقد عد ابن تيمية عند أتباعه مجددا " عظيما " ولقبوه بشيخ الإسلام.
ولكن دعوته على مستوى الأمة لم تلاق القبول وبقيت محصورة في مناطق محدودة من الشام ومصر، وقد تصدى للرد عليه فقهاء ومحققو أهل السنة والفرق الأخرى، وسجن في مصر لسنة ونصف لإدانته بالتجسيم والتشبيه، ثم سجن ثانية في دمشق حيث أدركته المنية هناك عام 728 هجرية. وما لبثت دعوته أن خبت وضعفت بعد حقبة قصيرة من الزمن.