شواهد على تدرج الانحراف بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن الشواهد التي تشير إلى تضاؤل ذلك التوهج العاطفي الحار عند الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل وانطفائه تماما في مواقع عديدة حتى تحول في بعضها إلى سواد وأداة تحاول إطفاء ما تبقى من نور الرسالة:
1 - مجريات السقيفة وكل ما فيها من تبادل الشتائم والتهديد وظهور النعرات القبلية مجددا " بين المهاجرين والأنصار من جهة، وبين قبائل كل منهما من جهة أخرى، علاوة على ظهور حب الجاه والزعامة في بعض الصحابة ذوي المكانة والمرتبة. ولو كان تصرف أهل السقيفة إسلاميا " وليس قبليا " جاهليا " لما تخلف علي ومعه ستة عشر من أجلاء الصحابة عن البيعة لقائد الأمة الجديد (1).
2 - ظهور الغطرسة من جديد في خالد بن الوليد عندما أقدم على سلوك بعيد كل البعد عن تعاليم دين الإسلام وأخلاقه وإنسانيته، وذلك بقتله للمسلم مالك بن نويرة وأصحابه وما فعله بزوجته (2)، كل ذلك يظهر الطبيعة الجاهلية التي ما زالت مترسخة في نفوس بعضهم، حتى إن عمر بن الخطاب طالب بإقامة حدي القتل والزنا على خالد والذي زعم بعضهم أنه سيف الله المسلول (!!)، وهو الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال فيه: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد).
3 - تعيين الخليفة أبي بكر ليزيد بن أبي سفيان عاملا " على الشام مقابل تأييد بني أمية لخلافته، حيث تم بموجب هذه الاتفاقية كما يذكر المؤرخون أن تكون الشام من حصة آل أبي سفيان على الدوام، الأمر الذي ألزم الخليفة عمر لاحقا " ليس فقط أن يعين معاوية خلفا " لأخيه يزيد بعد موته، بل والتهاون