فلسفية) وذلك من جراء الحوادث التي ألمت بالأمة ابتدأ بمقتل عثمان ومعارك الجمل وصفين وقتل المعارضين لبني أمية وغيرها، حيث كانت تدور المجادلات في مسائل المصير الأخروي لمرتكب الكبيرة والقضاء والقدر كالمعركة التي حصلت مثلا في صفين، هل كانت بقضاء الله وإرادته المفروضة على الناس أم كانت بفعل الذين شاركوا فيها وبكامل اختيارهم، وما هو حكم قادتها والمسلمين الذين ذهبوا ضحيتها. وقد كانت تتشكل المذاهب العقائدية تبعا " لآراء أصحابها تجاه هذه المسائل. ومن هذه الفرق التي حسبت تاريخيا " من تشعبات أهل السنة ما يلي:
1 - المرجئة:
وهم الذين قالوا لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، ويرون تقديم الإيمان وإرجاء العمل. ويقولون أن المعرفة والاعتقاد القلبي كافيان للفوز بالجنة والسعادة الأخروية، حتى لو لم يصلوا ويصوموا (1). وأول ما أطلق هذا الاسم على الذين اجتمعوا مع معاوية بعد مقتل الإمام علي عليه السلام، وسموا المرجئة لأنهم والوا المتنازعين جميعا " في الجمل وصفين، وقالوا: أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان، ورجوا لهم جميعا " المغفرة (2).
ويرى المؤرخون أن هذه الفرقة نشأت أساسا " بإيعاز ودعم من الحكم الأموي، فحكمت بمشروعية حكمهم، وتركت الحكم فيما اقترفوه من الأحداث الجسام إلى الله تعالى، فهو الذي يحكم بين عباده بالحق يوم القيامة، والمسلم يكفي أن يكون مسلما "، وليس لأحد أن يخوض في أعمالهم أو يحكم عليهم بشئ من عنده (3).