المأساوي للنصوص الصريحة باستخلاف علي، وتنازعها بدلا " من ذلك غالبية المهاجرين والأنصار على أسس قبلية، وبكل ما أوتوا من أساليب المكر والتهديد معلنين بذلك البداية الرسمية لأزمة مريرة حول خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإمامة الأمة بعده. فهذه ثلاث مخالفات مؤلمة حدثت في الخمسة أيام الأخيرة للنبي والتي ما كانت لتحدث لولا حرص بعض الصحابة واجتهادهم حول مسألة الزعامة والإمارة، ومما ينذر بما ستؤول إليه أحوال الأمة بعد ذلك.
لماذا الحاجة إلى التغيير والإصلاح؟
إن الفترة القصيرة - نسبيا " - التي قضاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الصحابة لم تكن كافية لإعدادهم الإعداد الكامل الذي يؤهلهم لحمل الرسالة بأصالتها ونقاوتها إلى الأجيال اللاحقة، وخصوصا " إذا كان الأمر متعلقا " بإعداد أمة ترسخت فيها القيم الجاهلية، فضلا " عن أن غالبية الناس قد أعلنوا إسلامهم في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكن الإسلام ليتمكن في قلوبهم، بل إن أكثرهم تلفظ بالشهادتين استسلاما " لأمر أصبح واقعا "، إن لم يكن خوفا " وطمعا " وربما نفاقا ".
وفي الحقيقة إن تلك المخالفات التي ودع بها الصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي تعد تتويجا " للعديد من المواقف الأخرى التي خالفوه بها قبل ذلك، إن دلت على شئ فإنما تدل على عدم تغلغل الوعي الإيماني والرسالي، والفهم الفعال في النفوس الذي كان من شأنه أن يستأصل جذور المفاهيم الجاهلية السابقة بصورة نهائية.
وغالبية من يعترضون بحدة على هذا المنطق إنما يرجع اعتراضهم إلى ما حملوه من أفكار مبالغ فيها حول قدسية الصحابة فوق العادية. فهم بنظرهم ممن اصطفاهم الله ورسوله من بين خلقه اصطفاءا "، فصيغوا أعظم صياغة، وأعدوا أرفع إعداد ليكونوا وزراء نبيه وحملة الرسالة من بعده، أو كما