وقد انقسمت الجبرية إلى قسمين: متوسطة وهي التي تثبت للعبد كسبا " في الفعل كالأشعرية، وخالصة لا تثبت للعبد أي فعل كالجهمية والنجارية والضرارية، وبهذا يلزمهم نفي التكليف الذي أوجبه الشرع (1).
3 - أهل الحديث:
وتشكلت هذه الفرقة أساسا " من الذين عملوا على جمع الأحاديث تدوينها في القرن الثاني الهجري، وبنوا عقائدهم وأحكامهم بالاعتماد الكلي على ظواهر الآيات والروايات التي رواها الصحابة والتابعون الأوائل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويحرمون تأويلها، فكثر فيهم من يقولون بأن الله جسم ينتقل ويحرك أعضاءه كاليد والرجل والوجه. وهم يحرمون المناظرات الكلامية أو المناقشات الفلسفية المتعلقة مثلا " بالقضاء والقدر أو التطرق بالحديث عن خلافات الصحابة ومواقع كالجمل وصفين وكربلاء. وهم بذلك عملوا على إعدام العقل في مجال التعامل مع الأحاديث والعقائد المأخوذة منها، أو أي قضية حصل حولها الجدال.
وقد كانت فرقة أهل الحديث تمثل الغالبية العظمى لأهل السنة زمن الأمويين وبداية العصر العباسي، وكانت على أقسام حسب درجة تعامل أصحابها مع الأحاديث لا سيما فيما يتعلق بتحقيق الأسانيد والرواة، فكان منهم ممن عرفوا بلقب (الحشوية) لأنهم كانوا يحشون الروايات التي لا أصل لها ويقبلونها على علاتها دون أي تحقيق.
وكان الإمام أحمد بن حنبل (160 - 241 هجرية) أشهر رجال الحديث المحققين حيث عمل على تنظيم الأحاديث المروية وتوحيد العقائد (السنية)، والتي يمكن إجمال أهمها في النقاط التالية حسب ما جاء في رسالة له (2):