كان منهم وعاظ سلاطين بني أمية، ذهبوا إلى الافتراء بالقول: أن صاحب الرسالة كان يخطئ في المواقع التي ليس فيها تبليغ عن الله من حكم أو آية، بل هو في تلك المواقع لا يختلف عن بقية البشر في شئ، فهو على رأيهم يتعرض لحالات السهو والنسيان بل لحالات السحر والهذيان (والعياذ بالله) وفيما يلي أمثلة قليلة من هذه الافتراءات:
1 - هجران النبي صلى الله عليه وآله وسلم!
عندما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحد أيامه الأخيرة، وقد اشتد به المرض، أراد أن يكتب وصيته الأخيرة بحضور ومشهد من أهل بيته وكبار الصحابة. وإليك ما حصل في ذلك اليوم كما يرويه لنا البخاري ومسلم في صحيحيهما بالإسناد إلى ابن عباس قال: (يوم الخميس وما يوم الخميس - ثم بكى حتى بل دمعه الحصى - اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه فقال: آتوني أكتب لكم كتابا " لا تضلوا بعدي. فتنازعوا، وما ينبغي عند نبي تنازع، وقالوا: ما شأنه، أهجر؟ استفهموه.
قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه) (1).
وفي رواية أخرى، قال ابن عباس: (لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هلم أكتب لكم لا تضلون بعده. فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابا " لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: قوموا. فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما خال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم) (2).