أخذ البيعة للابن الفاجر يزيد بعد أن تم الأمر لمعاوية وقد تنعم بالملك سنوات طوال، أراد أن يجعل الخلافة ملكا " خاصا " ببني أمية، فقرر توريثها لابنه يزيد وأخذ تحضيره لذلك سنوات عديدة (فلم يزل يروض الناس لبيعته، يشاور ويعطي الأقارب ويداني الأباعد) (1). وكما قال أبو الفرج الأصفهاني: (أراد معاوية أخذ البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شيئا " أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص، فدس إليهما السم فماتا) (2).
وكان يثقل على معاوية لما كان يربطه بالإمام الحسن عليه السلام من عهد ينص على أن يكون الأمر من بعده للحسن وليس له أن يعهد بالخلافة لأحد، ولما كان لسعد بن أبي وقاص من مكانة مرموقة بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الوحيد الباقي من الستة الذين كان عمر بن الخطاب قد رشحهم للخلافة بعده. وأما يزيد فهو لم يتجاوز العشرين من عمره، وكان كما أجمع المؤرخون شابا ماجنا مدمنا " على الخمر واللعب مع الكلاب والقرود، وعديم الخبرة ولا يعرف من الدين شيئا ".
ونظرا " لوجود مثل هذه الصعوبات، فقد أصر معاوية على أخذ البيعة لابنه من الناس قبل موته، فبدأ يستقدم الوفود من البلاد لهذا الغرض، وكان يهدد من يرفض ويجزل العطاء لمن يبايع، حتى أنه ولى بعضهم الإمارة كسعيد بن العاص على المدينة بعد عزله مروان عنها لتباطئه بأخذ البيعة من الناس، وسعيد بن عثمان بن عفان على خراسان تسكينا " له بعد أن وجد فيه ميلا " للإمارة، وثبت المغيرة بن شعبة بعد أن كان يخطط لعزله.