من يخلف النبي عليه السلام، وإنما يرون أن هذا الأمر قد أوكل إلى الصحابة ابتداء، وإلى الناس في كل عصر ليختاروا أولياء أمورهم استنادا " إلى قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) [الشورى / 38].
ويستنتج من كل ذلك، أن الخلافة والإمامة في جوهرها منصب سياسي وتنفيذي لتطبيق حدود الشريعة، وحفظ مصالح العباد ومحاربة الأعداء. ولا تقع على عاتق هذا المنصب مسؤولية حفظ الدين أو تفسير ما غمض من حقائقه، أو تبيان حدوده وتوضيح معالمه وغير ذلك من الأمور المتعلقة بفهم الشريعة وتفهيمها.
وأما قول علماء أهل السنة بتحمل الخليفة مسؤولية حراسة الدين، فإنما يقصد من ذلك الدفاع عن وجود الدين ضد أي تهديد سياسي أو عسكري قد يستهدف اجتثاثه أو الإطاحة بالنظام الحاكم، وهو بذلك دفاع عن المجتمع الإسلامي، أو الحكومة الإسلامية ضد أي خطر داخلي أو خارجي ليس إلا.
عند الشيعة يعطي الشيعة لمنصب الخلافة أو الإمامة دورا " أكثر - (دينيا ") - مما يعطيه أهل السنة، وذلك لأنها تعتبر عندهم الخلافة الإلهية في الأرض، ومهمة الإمام الأساسية استخلاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وظائفه من هداية البشر وإرشادهم إلى ما فيه صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة. فالإمام هو الذي يفسر لهم القرآن، ويبين لهم المعارف والأحكام ويشرح لهم مقاصد الشريعة، ويصون الدين من التحريف والدس، وله الولاية العامة على الناس في تدبير شؤونهم ومصالحهم، وإقامة العدل بينهم وصيانتهم من التفرقة والاختلاف.
فالإمامة بذلك تعد منصبا " إلهيا "، واستمرارا " للنبوة في وظائفها باستثناء كل ما يتعلق بالوحي. وهي بهذا المفهوم أسمى من مجرد القيادة والزعامة في أمور السياسة والحكم، ولا يمكن الوصول إليها عن طريق الشورى أو