الخلاصة والخاتمة إن أهم ما يمكن استنتاجه من هذا البحث أن ما جعل من الخلاف الذي حصل في صدر الإسلام حول خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإمامة الأمة بعده أزمة على مر العصور هو أن هذا الخلاف لم يكن مجرد خلاف سياسي بين أشخاص تنافسوا على الوصول للسلطة والحكم، ولم يكن مجرد فتنة وقتية حدثت بين الصحابة وانتهت برحيلهم، وإنما كان فوق كل ذلك خلافا " حول المسار الذي ينبغي على المسلمين اتباعه في تحصيل معارف الدين من عقائد وسنن وأحكام.
وهذا يؤكد ما بيناه في بداية البحث أن المفهوم القرآني للخلافة والإمامة يتلخص في اعتبارها الخلافة الإلهية في الأرض، والأمانة أو العهد الذين يربطان العباد بمعبودهم، وما يعني أن أي خلل في فهم هذا المبدأ أو تطبيقه، سيؤدي حتما " إلى حدوث خلل في فهم عقائد الإسلام، وانحراف في تطبيق أحكام الشرع. ونجمل ذلك في نقاط:
صراع الخطط والإرادات لقد كان واضحا " أن التخطيط الإلهي ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان يهدف إلى تبليغ الرسالة ليس إلا (وما أرسلناك إلا شاهدا " ومبشرا " ونذيرا ")، فقال جل وعلا بعد نجاح هذه المهمة: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "). وأما التخطيط الإلهي بحصر خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،، فقد كان يهدف إلى إتمام نور الرسالة على يد هؤلاء الأئمة، والذين خصتهم العناية الإلهية بالعناية والتسديد (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ") [الأحزاب / 33].