وكانت عقيدة الجبر من العقائد التي ساعد الأمويون أيضا " على زخرفتها بما يناسبهم وبثها بين المسلمين، والتي كانت تعني فيما يتعلق بسلوك الحكام، إنهم مهما بالغوا في فسادهم وظلمهم، فإن ذلك كله ضمن القضاء والقدر الإلهي الذي يجب على الناس قبوله والتسليم فيه بدون أدنى تساؤل!. ويستشهد المروجون لهذه الأفكار بأحاديث موضوعة لتبرير فساد الحاكم، زعما " منهم كما في الرواية التالية أن ما ظهر من الخلفاء من مفاسد وانتهاكات كان مما تنبأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحدوثه، ولم يكن فيه خروج عن العلم الإلهي المسبق الذي يعني تخطيطا " وقضاء منه جل وعلا، وبالتالي لا يستوجب ما حصل فعلا " أي استنكار أو رفض لأنه كان قدرا " مقدورا "!، فعن حذيفة بن اليمان قال: قلت: يا رسول الله، إنا كنا بشر. فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل وراء هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل وراء ذلك الشر قال: (يكون بعدي أئمة لا يعتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس [مثال: يزيد بن معاوية؟].
قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع (1)!!
ويؤكد الشيخ محمد أبو زهرة تورط الأمويين في مسألة الجبر بقوله: (إننا نجزم بأن القول في الجبر شاع في أول العصر الأموي وكثر حتى صار مذهبا " في آخره.. وقد قالوا إن من فعل ذلك بعض اليهود، فقد علموه لبعض المسلمين وهؤلاء أخذوا ينشرونه... وهكذا تشابكت فروع الشجرة الأموية مع فروع شجرة أهل الكتاب بعد أن التقطوا منهم فكرة الجبر في ثوبها الجديد، لأنها تتلاءم ومبدأهم السياسي) (2).