النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) (1) أريد من وراء هذه الكلمات المنسوبة كذبا " على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عزل الدين عن حياة الناس، وإن كان حقا " عدم تدخل الشرع الإلهي بطريقة تلقيح النخل وغيره.
ويقرر المرحوم الغزالي أن عزل الدين عن الدولة في المجتمع الإسلامي قد تم منذ أمد بعيد بقوله: (ومن النكسات التي أصابت جماعة المسلمين وأوهنت قواهم من قديم انفصال الحكم عن العلم، وسير كل منهما في مجرى اختص به... ومن هذا الانفصال ورث المسلمون المعاصرون مشكلتين جديرتين بالنظر العميق، الأولى: هجرة العقول الكبيرة إلى الغرب، والثانية:
رداءة الأوعية الحاملة للفقه، وطلبها للدنايا تحت أقدام [الحكام] المستبدين) (2).
ويضيف مؤكدا " ضرورة عدم وجود مثل هذا العزل: (إن المرء ليغوص في بحار الحيرة عندما يرى كرادلة العالم النصراني يختارون أدهاهم وأذكاهم وأجلدهم على خدمة الدين، وعندما يرى معتنقي الشيوعية يختارون أقدرهم وأمهرهم وأشجعهم على خدمة المذهب، على حين يقود المسلمين على مر التاريخ رجل أعظم مؤهلاته أنه ينتمي إلى المأسوف على شبابه أمية بن حرب - يقصد حكام الدولة الأموية - أو ابن الصحابي المعروف عباس بن عبد المطلب - يقصد حكام الدولة العباسية - أو ابن الأناضول عثمان بن هيان بن بيان! - يقصد حكام الدولة العثمانية -. إن أولئك الخلفاء لا ترشحهم مواهبهم الخاصة لمنصب ذي بال، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله إلا ما يحارب هذا المسلك، بيد أن تقاليد العرب أعوجت بتعاليم الإسلام كرها " ودفعتها في هذا المجرى) (3).