كمعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة كما يذكر القاضي عياض على سبيل المثال: (وأما معاوية (رضي الله عنه) فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء، رضي الله عنه) (1).
على أن المشكلة ليست في مجرد إعطاء الأوصاف والألقاب ودرجات التفضيل، فلو أن الناس اختلفوا مثلا " حول درجة فضل مجموعة أشخاص وتقواهم كسقراط أو بطليموس لما كان الأمر يهم في شئ، لأن ذلك يعد مفضول البحث وترفه. ولكن سبب اهتمامنا بما يخص حقيقة الصحابة وما جرى بينهم هو اعتبار عامة المسلمين لهم نموذجا " يقتدى به على مر الأجيال أو كما وصفهم الشهيد سيد قطب في كتابه معالم في الطريق بأنهم (جيل قرآني فريد)، بحيث أصبح من مقتضيات هذه القدسية اعتبار كل ما عمله الصحابة سنة، والوثوق بكل ما قالوه أو نقلوه أو فسروه أو اجتهدوه جزءا من شريعة الإسلام ينبغي الاقتداء به في كل زمان ومكان. وهذا يظهر من تعليق القاضي عياض على سبيل المثال: (وأما الحروب التي جرت بينهم فكانت لكل طائفة شبهة، اعتقدت تصويب أنفسهم بسببها، وكلهم عدول (رضي الله عنهم)، ومتأولون في حروبهم وغيرها، ولم يخرج شئ من ذلك أحدا " منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون، اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد، كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها. ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم. وأعلم أن سبب تلك أن القضايا كانت مشتبهة، فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم... فكلهم معذورون (رضي الله عنهم)، ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم وروايتهم، وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين) (2).