ويقول أحد المعاصرين: (عمل الصحابة حجة على من جاء بعدهم من المجتهدين وغيرهم، ولا يضر اختلافهم في المسائل المجتهد فيها، فلا يقال: إن ذلك يترتب عليه تضارب الحجج، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: في بعض ما روي عنه: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) (1).
وقد وصل التطرف والغلو بقدسية الصحابة إلى درجة تفضيل معاوية (وهو الخليفة غير راشد (!) الذي تلطخت يداه بدماء آلاف الأبرياء، وعلى يديه عادت الحياة الجاهلية بأقبح صورها إلى واقع المسلمين) على الخليفة عمر بن عبد العزيز والمعتبر من الراشدين، لا لشئ إلا لكون معاوية صحابي وعمر تابعي، بالرغم من كل ما اشتهر به عمر من تقوى وعدل، بحيث تكون مقارنته بمعاوية في واقع الحال كمقارنة ملاك بشيطان! ويظهر هذا التطرف جليا بقول ابن كثير: (إن يوما " واحدا " من أيام معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير من عمر بن عبد العزيز وأهل بيته!) (2)، وللشيخ ابن تيمية في هذا الصدد قول أكثر تطرفا ".
ومن الأحاديث التي وضعت على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتأكيد هذه المكانة المفتعلة، وترسيخ المعتقدات التي نسجت حولها ما يلي:
1 - (إذا أراد الله برجل من أمتي خيرا " ألقى حب أصحابي في قلبه) (3).
2 - الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا " بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه) (4).