وهكذا شاعت أحاديث الفضائل، وأعطيت الأوصاف والألقاب لهذا وذاك، والتي تناقلها المسلمون عبر الأجيال وكأنها من المسلمات التي لا يمكن أن يتطرق إليها أي شك.
ومن ذلك ما زعم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال في معاوية كما يشهد ويثبت له البخاري في صحيحه أنه - فقيه! -، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال في وصف صحابي آخر:
سيف الله المسلول، وقيل في ثالث أنه أمين هذه الأمة، وفي رابع أنه جرها، وفي خامس أنه صديقها، وفي سادس أنه فاروقها، وفي سابع أنه ذو النورين، حتى أصبح جميع الصحابة أنوارا " كما في الحديث المزعوم: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم).
والصحابي عند جمهور المسلمين كما يصفه علماء أهل السنة هو: (كل مسلم رأى رسول الله ولو لحظة) (1). ويؤكد الشيخ النووي هذا التعريف في شرحه على صحيح مسلم بقوله: (وهذا هو الصحيح في حده، وهو مذهب ابن حنبل والبخاري في صحيحه والمحدثين كافة) (2). بل ذهب بعضهم إعطاء صفة الصحبة للذين لم يروا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكن أسلموا في حياته (3).
وبالنسبة لدرجة المفاضلة بين الصحابة يقول أبو منصور البغدادي:
(أفضلهم الخلفاء الأربعة على الترتيب المذكور، ثم تمام العشرة المبشرين بالجنة، ثم أهل بدر ثم أحد ثم بيعة الرضوان، وممن له مزية أهل العقبتين من الأنصار، وكذلك السابقون الأولون وهم من صلى إلى القبلتين) (4).
وبالطبع فإن بعض هذه الدرجات تشمل حتى من اشتهروا بالبغي والفجور