تعالى يتلو آيات من القرآن، فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له: لم نجد في بيته شيئا "، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة. وكان المتوكل حينها جالسا " في مجلس الشراب وبيده الكأس، فلما رأى الإمام هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه، وقال له: أنشدني شعرا "، فقال الإمام: إني قليل الرواية للشعر، فقال المتوكل: لا بد، فأنشده الإمام وهو جالس عنده:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * فأودعوا حفرا " يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود تنتقل قد طالما عمروا دورا " لتحصنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا وطالما كنزوا الأموال وادخروا * فخلفوها على الأعداء وارتحلوا أضحت منازلهم قفرا " معطلة * وساكنوها على الأحداث قد رحلوا فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته وبكى الحاضرون، ثم أمر المتوكل برفع مائدة الشرب، ثم رد الإمام إلى منزله مكرما ") (1).
وقد توفي الإمام في الثالث من شهر رجب سنة 254 للهجرة متأثرا " بسم الخليفة المعتز، ودفن في سامراء شمال مدينة بغداد في العراق.
11 - الإمام الحسن بن علي عليه السلام ولد في الثامن من ربيع الثاني سنة 232 للهجرة في المدينة المنورة، وعاصر خلافة كل من المعتز، المهتدي، والمعتمد، ودامت فترة إمامته ست سنوات. واشتهر بلقب العسكري نسبة إلى عسكر ويراد بها سر من رأى (أو