ذلك أنه وعند وفاة والده الإمام الحسن العسكري عليه السلام، فقد اقتضت الحكمة الإلهية تغييبه عن العيون وحفظه لحين ظهوره على الملأ في موعد مستقبلي يختاره الله سبحانه وتعالى، تكون الظروف فيه مؤاتية لإعلان دعوته وقيادة الأمة نحو النصر النهائي لرسالة الإسلام مصداقا " للوعد الإلهي: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) [الأنبياء / 105] وقوله تعالى: (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) [التوبة / 32 - 33]، وقوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) [القصص / 5].
وقد انتقلت الإمامة إليه عند وفاة والده وكان له من العمر خمس سنوات شأنه في ذلك شأن النبي يحيى عليه السلام الذي تسلم مقاليد النبوة والحكم وهو صبي: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ") [مريم / 12]، وهذا أقل إعجازا " من تسلم نبي الله عيسى عليه السلام النبوة وهو لا يزال رضيعا ": (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا "، قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ") [مريم / 29 - 30].
وما يثبت هوية الإمام محمد المهدي من السنة النبوية قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي) (1).
ومن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا ما يوضح مهمته: (تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما " وجورا " وعدوانا " ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا " وعدلا " كما ملئت ظلما " وعدوانا " (2)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلا