لقب (الرضا). وقد امتدت هذه الثورات لتشمل مناطق عديدة كالبصرة، وخراسان، واليمن، حتى أصبحت تهدد عرش الخليفة مما حدى به إلى استدعاء الإمام من المدينة المنورة إلى (مرو) في خراسان وهي عاصمة الدولة العباسية آنذاك، وعرض عليه منصب ولاية العهد، الأمر الذي عد مناورة سياسية يهدف المأمون من ورائها إخماد ثورات العلويين، وإضفاء صفة الشرعية على خلافته، ومما يؤكد عدم حسن نية الخليفة في هذه الخطوة أنه أجبر الإمام على قبول هذا المنصب بتهديده إياه بالقتل في حالة رفضه.
وعند موافقة الإمام على قبول ولاية العهد كان قوله للمأمون: (قد نهاني الله عز وجل أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أن لا أولي أحدا " ولا أنقض رسما " ولا سنة، وأكون في الأمر بعيدا " مشيرا ") (1).
ومما يؤكد قلق المأمون تجاه سياسته بالتعامل مع الإمام أنه وبعد أن ألح عليه مرة بإقامة صلاة العيد، تراجع عن ذلك ومنعه من إقامتها، وخصوصا ملاحظته تعاظم مكانة الإمام في عيون الناس يوما " بعد يوم، وخشيته من انتشار علمه وسيرته في ربوع العالم الإسلامي، فقرر إنهاء حياة الإمام عليه السلام وقام بدس السم إليه، مما أدى إلى مفارقته لهذه الدنيا. وكان ذلك في السابع عشر من صفر سنة 203 للهجرة، ودفن جثمانه الطاهر في (خراسان) بالمدينة التي تعرف اليوم باسم (مشهد) في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وبالرغم من أن المأمون تظاهر بالحزن الشديد عندما أخبر بوفاة الإمام وقام بتمزيق قميصه وبكى بصوت عال، إلا أن معظم الباحثين والمؤرخين على يقين باقترافه لهذا الجرم الشائن.