والخدم، وأخذوا معهم ما يملكون من أغنام وماشية وأخذوا يضربون في الأرض، ويبدو لي من تتبع المراجع، ومن دراسة الآثار اللغوية والاجتماعية التي اقتبسها هذا الرهط أن خط سيرهم كان أشبه بجزء من دائرة، فقد اتجهوا إلى الشمال حتى اتصلوا بمناطق الآراميين، ثم انحدروا إلى الجنوب حتى دخلوا أرض كنعان (1)، وأطلق أهل كنعان على إبراهيم ورفاقه (العبريين) لعبورهم نهر الفرات إذ لم يكونوا قد عبروا نهر الأردن بعد، أو لأنهم بدو متجولون يعبرون من واد إلى واد كما ذكرنا من قبل.
متى تمت هذه الرحلة؟ يرى أكثر الباحثين أنها تمت حوالي سنة 200 ق م، ويرجح بعضهم حدوثها حوالي سنة 1750 ق م (2).
وحط إبراهيم رحاله في تلك البقاع، ونعم بما فيها من رخاء وخير، ولكن شيئا خطيرا كان يحدث دون أن يلتفت إليه أحد، أو ربما دون أن يدبره أحد، ذلك هو الانعزالية التي كانت طابع الوافدين الجدد، لقد رأينا الكنعانيين يختلطون بالفلسطينيين، ورأينا الساميين الذين هاجروا إلى مواقع الخصب في الشمال يمتزجون بسكان الشمال، أما العبرانيون فقد عاشوا وحدهم وآثروا العزلة منذ هاجروا من أور الكلدانيين، قد يكون السبب في ذلك أنهم كانوا يرفضون عبادة الأصنام في حين كانت الأصنام هي معبودات الكلدانيين كما سبق، فاعتزلهم إبراهيم ومن آمن معه، ولكن العزلة أصبحت طابع العبرانيين حتى عندما انحرفوا وعادوا أو عاد أكثرهم إلى عبادة الأصنام. كانت العزلة طابعهم في أرض كنعان، وكانت طابعهم في