مبالغ فيه جدا، ولكن عددهم زاد على كل حال زيادة هائلة، وكانوا لا يزالون في عزلتهم، ولكن العزلة آنذاك أصبحت تستلفت نظر المصريين وتثير خوفهم، فهي لم تعد عزلة بضع عشرات من الرجال والنساء، ولكنها أصبحت عزلة قوم لهم قوة ومنعة، فغدوا يكونون دولة داخل الدولة كما يقال في الاصطلاح الحديث، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد نجح أمراء طيبة المصريون في التغلب على الرعاة العماليق، وطردهم أحمس خارج البلاد وأقام حكما وطنيا قويا، ابتداء من الأسرة الثامنة عشرة، ولم يتعرض أحمس لبني إسرائيل بسوء لأنه فيما يبدو كان مشغولا بالعدو الأكبر، فلما قامت الأسرة التاسعة عشرة ومن ملوكها رمسيس الثاني الفاتح العظيم ظهر الشعور العدائي ضد بني إسرائيل، ونقم الحكم الوطني عليهم، لأنهم نالوا أطيب خيرات مصر على حساب المواطنين المغلوبين على أمرهم، ثم إن الحكم الجديد كان يخشى أن يتآمر بنو إسرائيل ضده في محاولة للانتكاس، بل يرى بعض الباحثين أن (شعب مصر اكتشف بالفعل أن بني إسرائيل كانوا يتآمرون عليه) (1) وقد وصل التآمر إلى عمل ضد سلامة الدولة: فقد ذكر شاروبيم في كتابه (الكافي (2)) أن الإسرائيلين ثاروا ثورة عاتية ضد منفتاح فزحف عليهم... وقرئت على عمارة في طيبة أنشأها مفنتاح الأول أنشودة له ذكر فيها تنكيله ببني إسرائيل بسبب ثورة ثاروها ضد السلطان المصري.
وبعلل الباحثون هذه الثورات بأنها كانت نتيجة للوضع الجديد في مصر، فإن بني إسرائيل تعودوا الحياة الممتازة منذ عهد يوسف، ونالوا الكثير من رعاية الهكسوس وإيثارهم (3)، ثم جاء من الفراعنة من طلب