إبراهيم الخليل، وهو ابن تارح، وينتهي نسبه إلى نوح، وقد نشأ في أور الكلدانيين، وكان أبوه يزاول عمل الأصنام وسخر إبراهيم من عمل أبيه ومن قومه الذين يعبدون ما ينحتون، وناقشهم مناقشة عقلية يرويها القرآن الكريم قال تعالى (واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون؟
قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين، قال: هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون؟ قالوا: بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون. قال:
أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون، فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) (1) ثم تحولت السخرية إلى عمل ضد هذه الأصنام، إذ انتهز إبراهيم فرصة وجوده وحده في حانوت أبيه فأمسك فأسا وحطم هذه الأصنام، وجعل منها كومة من الحطام، ولم يدع إلا صنما كبيرا كان أعظمها شكلا وأكبرها حجما، فوضع الفأس في يده، وجلس ليرى، فلما عاد أبوه جن جنونه لما رأى، وصاح بإبراهيم:
أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟.
وأجاب إبراهيم في هدوء: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم.
قال أبوه في ثورة: كيف نسألهم وهم لا ينطقون: وكيف يعمله كبيرهم وهم لا يتحركون؟.
قال إبراهيم: إذا كيف تعبدون ما تنحتون؟ والله خلقكم وما تعملون وكان ذلك من إبراهيم مطلع ثورة على الفكر والسلطان في بلاد الكلدان، ولم يستطع إبراهيم أن ينشر الحق فهاجر من أور الكلدانيين هربا من شرهم، وهاجرت معه زوجته سارة ولوط ابن أخيه وبعض الأقارب