وأنت تمرض جسمانيا فتسارع للطبيب لأن مرض الجسم شئ مادي تحس به، فإذا أرشدك الطبيب لدواء اتبعت تعليماته بكل دقة، ولكنك تمرض نفسيا أمراضا بأشد فتكا من أمراض الجسم وأشأم أثرا، وتحس بهذه الأمراض وتدرك خطرها عليك وعلى الناس. فهل تسارع لطلب الدواء للخلاص من هذا الداء؟
هل تحس أنك حسود؟ أو تكره الناس؟ أو لا تميل إلى التعاون؟
وهل تحس بالكبر وعدم أداء الواجب؟
كل هذه أمراض فتاكة تنزل بالإنسان، وقل من يحاول أن يجد لها العلاج، وقل من يقبع سبل العلاج إن حصلت له، لماذا؟ لأن الإنسان مادي يعيش للمادة ولا يهتم كثيرا بالروحانيات.
وأنت تشتري قلم الرصاص وتشتري معه مبراة، ويصغر القلم رويدا رويدا حتى لا تستطيع أن تمسك به فتلقى به جانبا وتسرع فتشتري قلما آخر، ولكنك لا تشتري مبراة أخرى مع أنها في الحقيقة قد انتهت صلاحيتها للعمل كما انتهت صلاحية القلم، ولكن انتهاء القلم مادي فقد صغر وصغر، أما انتهاء صلاحية المبراة فليس واضح المادية ولذلك تحاول استعمالها مرة أخرى ومرات، وهي لا تستجيب لك، وربما أفسدت لك الأقلام، ولكنك تظل تلح عليها لأنك لا تريد أن تدرك غير المادة.
وأنت أيها المسلم تصلي وتتجه إلى البيت الحرام، وأنت أيها المسيحي تتجه أيام الآحاد إلى الكنيسة، ويتجه البوذي والهندوكي وغيرهما إلى المعابد، ويصلي كل من هؤلاء صلاته، يقرأ ويدعو ويركع ويسجد. ولكني أسألك:
هل كنت متجها إلى إلهك بقلبك وأنت تصلي؟
وهل كنت تحس بأنك تكلمه وتعيش معه وتناجيه؟ أو أنك مادي ينطق لسانك وتتحرك أعضاء جسمك، وقلبك في شغل عن هذه الصلاة؟