إن كنت تفعل ذلك فأنت تؤدي من الصلاة جانبها المادي وتفقد حلاوة روحانيتها.
وهكذا تتجه حياة الإنسان، كلها مادة، والجانب الروحي فيها ضئيل مغلوب على أمره، فإذا قيل للإنسان شئ عن الله. أسرعت المادية إلى نفسه أو إلى لسانه، ففكر أو سأل: أين يسكن الله؟ وما شكله؟ وما لونه؟ وأين كان قبل أن توجد السماوات والأرض، أو بعبارة أخرى اتجه بالله اتجاها ماديا، فإذا لم يره بعينه أو لم يمسه بيده، أنكره، وربما هاجمه.
قال لي محدثي وهو من هؤلاء - وكنا نتكلم عن الله - لماذا لا يظهر الله للناس ويريهم سلطانه وعظمته ليؤمنوا به وليدينوا له بالطاعة؟
ودهشت لهذا السؤال ولكني تمالكت نفسي وبدأت أجيب:
قلت له: إنك لا تؤمن إلا بما ترى، فهل تؤمن بروحك التي تتسلط على أعضائك لأنك لا ترى هذه الروح؟ ثم إنك يا محدثي تريد أن يظهر الله، وهل اختفى حتى تتطلب ظهوره؟
إنه " الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم (1) ".
إنه " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (2) " إنه " الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيه السماوات والأرض، ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم " (3).
إنه الله الذي " لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء " (4).
وقلت له: ولكنك يا محدثي إنسان مادي تريده جسما والله ليس بجسم،