يقضي الإسلام، ولم ينله غير الأكفاء من أهل محمد كبعض العباسيين والعلويين إلا في عهد اضمحلال التفكير الإسلامي، وتدهور الثقافات الإسلامية.
وفي حجة الوداع كان خطاب محمد حاسما، كان حسابا واضحا قدمه لقومه، قال لهم: أيها الناس، من كنت أخذت له مالا، فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت ضربت له ظهرا فهذا ظهري فليضربه، أيها الناس: كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى.
حياة واضحة ونهاية واضحة، حياة فيها الحرمان والضنى واللوعة له ولأهله، فلما مات لم ينل منه ذووه شيئا، وكان للمسلمين جميعا تراثه المادي والأدبي.
وهكذا عند حساب الأرباح والخسائر نجد محمدا لم ينل شيئا لنفسه ولا لذويه، وإنما دفع من ماله وجهده وجاهه، وما لمثل هذا يسعى كذاب مختلق.
وأكثر من هذا، فالضر الذي نزل بمحمد لم يكن مفاجأة له، ولم يكن يسعى للخير فأخطأه التوفيق ونزل به الضر، لا، فإن محمدا كان يتوقع الشر منذ جاءته الرسالة، ومنذ بدأ دعوته، فقد روى أنه عقب أن تلقى أمر ربه ناله الفزع والخوف، فدعته خديجة لينال شيئا من الراحة فأجابها: يا خديجة مضى عهد النوم والراحة، وجاء عهد الكفاح والعناء.
إذا لا نستطيع أن نفترض عدم صدق محمد، ففرض كهذا لا يجيزه منطق ولا يقره فكر سليم.
لا، نريد مرة أخرى أن نعود إلى هذا الافتراض الأبله، فنعرض الادعاء بأن محمدا لم يكن صادقا، وأن دعوته إنما هي من خلقه، وقرآنه إنما هو من صنعه، ولكن سرعان ما يعرض علينا هذا القرآن صورا تذيب هذا الادعاء وتمحوه من أساسه، اقرأ معي: