وهكذا تصرفات من محمد لم يقرها العزيز الحكيم، فأنزل فيها سبحانه آيات من قرآنه يلوم بها ويوجه، ويقود فيها رسوله إلى المثل العليا ويعلمه بها ما لم يكن يعلم. إنها دلائل واضحة على أن محمدا لم يكن مدعيا وأنه كان رسول الله، وأن القرآن الذي جاء به كلام الله.
ولدينا دليل آخر على أن القرآن كلام الله وأنه ليس من كلام محمد، ذلك أن محمدا كانت تنزل به نوازل من شأنها أن تحفزه إلى القول، وكانت حاجته القصوى تلح عليه، بحيث لو كان الأمر إليه لوجد لها مقالا ومجالا، ولكن كانت تمضي الليالي والأيام، تتبعها الليالي والأيام، ولا يجد في شأنها، قرآنا يقرؤه على الناس.
ألم يرجف المرجفون بحادث الإفك عن زوجه عائشة رضي الله عنها؟ وأبطأ الوحي، وطال الأمد، والناس يخوضون، حتى بلغت القلوب الحناجر وهو لا يستطيع إلا أن يقول بكل تحفظ واحتراس " إني لا أعلم عنها إلا خيرا " ثم - بعد وقت طال وامتد - نزلت الآيات الكريمة: " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم، لا تحسبوه شرا لكم بل هو خيرا لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم... (1) ".
فماذا كان يمنعه - لو كان أمر القرآن إليه - أن يتقول هذه العبارات أو الآيات الحاسمة من أول الأمر، ليحمي بها عرضه، أو يذب بها عن عرينه، وينفي عن أحب زوجاته قول السوء (2).
على أن محمدا لم يكنف بهذا وذاك دليلا على كون القرآن من عند الله، بل راح يعلن على المعاندين تحدي القرآن لهم أن يتأتوا بمثله أو بسورة من مثله، اقرأ معي هذه الآيات: