كثيرون يرحبون بأن يضحوا بأنفسهم وأموالهم في مرضاة نبيهم، بل كان يفعل ذلك تعليما للمسلمين وإرشادا (1)، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله: من آذى ذميا فليس مني.
وكان حرص المسلمين على الوفاء لأهل الذمة حقيقة مشهورة معروفة، حتى أنه يروى أن واصلا بن عطاء زعيم المعتزلة فاجأته مرة عصابة من الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين الذين يخالفونهم في العقيدة، ورأى واصل أن الطريق لنجاته هو وصحبه من موت محقق، أن يدعي أنه هو وصحبه ذميون، وهكذا فعل وهكذا نجا (2).
ومن الطبيعي أن السلف الصالح ساروا في معاملة أهل الكتاب سيرة القرآن وسيرة الرسول، ولنأخذ عمر بن الخطاب نموذجا للسلف الصالح، ففي عهده اتسع العالم الإسلامي وضم آلافا من المسلمين، وفيما يلي سطور عنه تبين جانبا من أدب الإسلام وخلفاء السلام.
تحقق النصر لجيوش المسلمين التي تحارب في إيلياء، (بيت المقدس) ولكن عمر كان حريصا عن السلم أكثر من حرصه على النصر، ولذلك نجده يرحل بنفسه إلى هذه المدينة، ويكتب بينه وبين المسيحيين بها عهدا جاء فيه:
"... هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر