ملتها: أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من خيرها، ولا من صليبهم، ولا من شئ من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود... ".
وكان عمر لا يكتفي بالعهود يقطعها على نفسه وعلى قومه، بل كان يشفعها بوصاياه المتكررة إلى ولاته أن يمنعوا المسلمين من ظلم أهل الذمة، وأن يوفوا لهم بعهدهم ويخففوا عنهم، وألا يكلفوهم فوق طاقتهم، وقد سجل ذلك في وصيته قبل موته.
ومن الناحية العملية نجد أن عمر وقى بما وعد بل زاد عليها عطفا وتسامحا وحسن معاملة، فبينما هو في كنيسة القيامة إذ دخل وقت الصلاة، فخرج عمر وصلى خارجها، وقال للبطريرك: لو صليت داخل الكنيسة خفت أن يقول من بعدي: هذا مصلى عمر، وأن يحاولوا أن يقيموا في هذا المكان مسجدا.
وروي أنه رأى شيخا يهوديا يسأل الناس، فسأله عمر، ما الذي حملك على السؤال؟ فأجاب الرجل: الحاجة والسن. فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله حيث أعطاه عطاء سخيا، ثم أرسله إلى خازن بيت المال مع رسالة قال فيها، انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم خذلناه عند الهرم، إنما الصدقات للفقراء والمساكين، وهذا من مساكين أهل الكتاب.
ومر وهو في أرض الشام بقوم مجزومين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجري عليهم القوت بانتظام (1).