ويروي البلاذري (1) أن المسلمين عندما دخلوا حمص أخذوا الجزية من أهل الكتاب الذين لم يريدوا أن يدخلوا الإسلام، ثم عرف المسلمون أن الروم أعدوا جيشا كبيرا لمهاجمة المسلمين، فأدرك المسلمون أنهم قد لا يقوون على الدفاع عن أهل حمص، وقد يضطرون للانسحاب، فأعادوا إلى أهل حمص ما أخذوه منهم، وقالوا لهم: شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فأنتم على أمركم. فقال أهل حمص: إن ولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولتدفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم. ونهضوا بذلك، فسقطت الجزية عنهم.
والذي نريد أن نسجله هنا أنه مع بساطة هذه الجزية، ومع سياسة المعاملة الكريمة التي اتبعها عمر ورعاها، دخل كثير من أهل الكتاب في عهده دين الإسلام أفواجا، لا هربا من الجزية فإنهم في الغالب سيدفعون الزكاة وهي أكثر قدرا من الجزية، ولا تحاشيا لسوء معاملة، وإنما إعجابا بعدل الإسلام وخلق خليفة المسلمين.
وسار المسلمون في أكثر عصورهم سيرة عمر بن الخطاب، سار عليها الخلفاء الأمويين عند انتصارات المسلمين في الهند والأندلس، وسار عليها نور الدين زنكي في انتصاراته ضد الصليبيين، وسار عليها صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس والأشرف خليل، هؤلاء الأبطال الذين قضوا على حكم الصليبيين في فلسطين ولكن دون تنكيل ودون وحشية، ونختم هذا البحث بنماذج من أقوال بعض الكتاب المسيحيين يعترفون فيها بما ناله المسيحيون في ظل الإسلام من سلام وعون.
يقول عيشو بابه أحد البطاركة المسيحيين: إن العرب الذين مكنهم الرب