وهكذا تدرك في يسر وسهولة أن المسلمين لقوا في المجتمعات غير الإسلامية ألوانا من الاضطهاد والإبادة، وكانت النتيجة التي سعت إليها هذه المجتمعات وحققتها أن تفني الإسلام فيها وترغم ذويه على الارتداد عنه، فإذا تمسك بعض المسلمين بدينهم أسلموهم إلى الدمار والفناء.
أما غير المسلمين في المجتمعات غير الإسلامية فقد شهد التاريخ أنهم نعموا في ظل الإسلام بالرخاء، والأمن والسلامة، فقد رسم القرآن الكريم وأحاديث الرسول الطريق القويم للمسلمين في معاملة أتباع الديانات الأخرى، وسار السلف الصالح في ضوء ذلك، وانحدر هذا الاتجاه خلال عصور التاريخ حتى أثنى عليه وامتدحه الكتاب المسيحيون أنفسهم، تعال بنا نقتبس من هذا الضوء بعضا منه دليلا على ما أوردناه هنا:
يحث الله تعالى المسلمين أن يحسنوا معاملة غير المسلمين وأن يكونوا معهم بررة وعدولا، قال تعالى: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (1) ".
ويبيح الإسلام للمسلمين أن يؤاكلوا غير المسلمين وأن يصاهروهم، ولا شك أن المصاهرة تخلق امتزاجا بين هؤلاء وأولئك، فأخوال الأولاد سيصبحون من أهل الكتاب، وفي هذا رباط كبير أباحه الله بين المسلمين وغيرهم مما يدل على أن الإسلام دين الإنسانية، وفي ذلك يقول الله تعالى:
" وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم (2) ".