وجعلتهم طبقة أرفع من طبقات البشر، كما فعلت الكنيسة القيصرية (1).
ذلك هو الاتجاه، القديم، فكيف اتجهت المدنية الحديثة حيال المساواة؟.
إن الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج إلى كبير عناء، فالتفرقة العنصرية وهي التي يعامل بها البيض سكان المستعمرات تدل دلالة واضحة على الطبقية المسعورة التي خلفتها هذه المدنية الزائفة، ومن ذلك ما يعانيه الزنوج بأمريكا من اضطهاد وعسف، وقد دفع كنيدي حياته ثمنا لموقفه العادل من هؤلاء الزنوج، فما إن نادى بالمساواة وعمل على أن يلزم بها المتعصبين حتى دبرت جريمة اغتياله من الصهاينة ورعاة التفرقة العصرية البغيضة.
فماذا كان موقف الإسلام من المساواة؟
كان موقف الإسلام حاسما حول هذا الموضوع، إنه موقف يحدده القرآن الكريم والسنة وعمل الصحابة الأبرار، قال تعالى: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم (2) "! فهذه الآية تذكر الناس بوحدة المنشأ، وتقرر أن التفاضل لا يتخذ أساسه أصول الناس وألوانهم، بل ما يقدمونه من عميق الإيمان والعمل الصالح.
ومن السنة ينطلق قوله عليه السلام في خطبة الوداع: أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.