تفاوت بين الآن وقبل (1)، وهذا الموضوع غير منسجم مع مفاد الأحاديث المذكورة ومقصودها، فهذه الأحاديث تحاول أن تثبت التفاوت بين الآن وقبل (الحاضر والماضي): كان الله ولم يخلق شئ، لكن المخلوقات خلقت الآن، وفي ضوء هذا إن صفة القدم تنحصر في الله، والموجودات الأخرى حادثة ولها الآن وجود حقا، لذا جاء في بعض الأحاديث: " لم يزل الله موجودا ثم كون ما أراد "؛ " كان إذ لم يكن شئ غيره، وكون الأشياء "؛ لم يزل الله وحده لا شئ معه، ثم خلق الأشياء ". بناء على هذا هناك تفاوت حقيقي بين ما قبل الخلقة وما بعدها، ذلك أن المخلوقات كانت معدومة سابقا، والآن هي موجودة حقا، وقد جاء في حديث مأثور عن الإمام الرضا (عليه السلام) في إثبات تفرد الله في القدم، وإثبات حدوث المخلوقات: " لو كان معه شئ في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له ". أي: ما يستلزم الخلقة هو " كان الله ولم يكن معه شئ " ثم خلق الله الأشياء.
لقد حاول البعض أن يجد مستندا روائيا لعبارة الجنيد، فذهب إلى أنها والحديث المأثور عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) إذ قال: " إن الله - تبارك وتعالى - كان لم يزل بلا زمان ولا مكان وهو الآن كما كان " (2) شئ واحد. (3) في حين أنه لا علاقة لحديثه (عليه السلام) بكلام الجنيد، وأساسأ بحديث " كان الله ولم يكن معه شئ "؛ لأن الذي جاء في حديث الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) هو أن الله ليس له زمان ومكان في الماضي وكذلك الآن، أي: إنه سبحانه غير محدود بزمان ومكان سواء قبل الخلقة أم بعدها، مثلما نقول: كان الله عالما والآن كما كان، لذلك لم يرد في هذا الحديث كلام حول المخلوقات وحدوثها ونفي صفة القدم عنها وإثبات تفرد الله سبحانه في صفة القدم.