هذا الفن كثير. انتهى كلام ابن أبي الحديد، وقد عرفت محاولته في صرف تلك الكلمة الخبيثة عن معناها المقصود لذلك اعتذر عن ذكرها وبرء عمر من قصده واقع معناها، ونظيره فعل ابن الأثير في النهاية، فانظر إلى الحب الأعمى وما يعمل بصاحبه، وإلى الأيدي الخائنة وما تعبث في الحوادث التاريخية الإسلامية.
أما البخاري فإنه أسقط الكلمة رأسا ولم يشر إليها فيحتاج إلى تأويلها أو الاعتذار عن قائلها، ففي ج 4 من صحيحه ص 7 ط مصر، حاشية السندي ما نصه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وآله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وآله كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله قال رسول الله صلى الله عليه وآله قوموا.
قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم.
فانظر أيها القارئ النبيل إلى اعتراض عمر على الرسول صلى الله عليه وآله ومنعه إياه من الكتابة وما أدى إليه من الاختلاف الذي أوجب سخط الرسول صلى الله عليه وآله عليهم حتى طردهم عن مجلسه، وما أعقب ذلك من الضلال المحتم عليهم إلى يوم القيامة. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.