مجتمع ما لقامت بنصيبها في تجسيد الوحدة والمساواة واقعا حيا تراه العين وتلمسه اليد.
لقد تعودنا أن نرى الحاكم معزولا عن الجماهير وراء عشرات الأبواب والحجاب، أو نراه محاطا بحراسة المدججين وبعناصر الإيهام التي يحشدها حول شخصه، ولم نتعود أن نراه يؤدي صلاته اليومية والأسبوعية في أي مسجد إلى جانب أفراد شعبه الذين يدعي أنه واحد منهم.
تعودنا أن نرى الرأسمالي حاكما صغيرا على الذين يطعمونه من جهدهم وعرقهم ولم نتعود أن نراه يؤدي صلاته مأموما خلف عامل تقي يعمل عنده.
إن الوحدة والمساواة في المجتمع الإسلامي واقع معاش لا نظريات معلقة، وأن دور الصلاة في تجسيد ذلك وتوحيد طول الناس تحت لواء الله لهو دور مهم.
وثالث المعطيات الاجتماعية للصلاة: حقوق الأمة المصلية في الأرض والناس.
ويبرز هذا المعطى من الصلاة حينما يكون أهل الأرض دولة واحدة وأمة واحدة قائمة على هدى الله، عاملة في تحقيق أهدافها التي رسمها لها، معلنة ربانيتها وانتسابها إليه عز وجل في أوجه نشاطها اليومي، وفي وقفة الصلاة الواعية الخاشعة.
لكن أحسب أن هذا المعطي يبرز بصورة أوضح حينما يكون المصلون قسما من أهل الأرض، ففي هذه الحالة يمكننا بيسر أن نجري المقارنة بين انتساب الأمة المصلية إلى وليها وانتسابات الأمم الأخرى إلى أوليائها، وفي هذه الحالة تظهر بوضوح الصلاحيات التي يعطيها الله للأمة المصلية ويكلفها بها في الأرض والشعوب.
ولا بد لنا لكي نتبين هذا المعطي من الصلاة أن نقدم صورة موجزة عن المكانة والحقوق التي يقررها الله عز وجل للأمة المسلمة ثم ننظر دور الصلاة في هذه الحقوق والمكانة.