ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار ظلموا فيه المؤمنين فهو حقهم أفاءه الله عليهم ورده إليهم. وإنما معنى الفئ كل ما صار إلى المشركين ثم رجع إلى مكانه، فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم، فذلك قوله تعالى:
" أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا " ما كان المؤمنون أحق بها منهم وإنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان.
قال السائل: فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم، فما بالهم في قتال كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟
فقال عليه السلام: لو كان إنما أذن لهم قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط كانت الآية مرتفعة الغرض عمن بعدهم، إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد، وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ولكن المهاجرين ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم، فقد قاتلوهم بإذن الله عز وجل لهم في ذلك. وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان. " (من حديث طويل في الكافي ج 5 ص 16 17) ولا نريد هنا أن ندخل في تفصيل هذه الحقوق التي يعطيها الله عز وجل للأمة المسلمة ولا في بيان سندها القانوني وحكمتها الاجتماعية، ولكن لا بد من كلمة لأولئك الذين يستكثرون أن تعطى أمة من الناس حقوقا وامتيازات على الأمم الأخرى بسبب معتقدها الديني. نقول لهؤلاء إنكم لو نظرتم إلى هذه الامتيازات التي يعطيها الله للمسلمين لوجدتم إنها ليست امتيازات بمقدار ما هي واجبات وتكاليف بنشر الهدى الإلهي وإقامة العدالة في شعوب العالم.
ثم لو سلمنا بأنها صلاحيات وامتيازات محضة فليست هي امتيازات عرقية أو إقليمية حتى يكن الحصول عليها واقفا على جماعة معينة، وما دام الشرط الوحيد لهذه الامتيازات هو إعلان التصديق بقضية فكرية تملك أقوى البراهين فما أيسر أن تكسبوا هذه الامتيازات ويكون لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم.