أ - فإما ان الإذن المسبق يعنى ان الله أذن لأوليائه عندما أوجدهم في عالم الميثاق اذنا مطلقا (كل في حدود ولايته) وتخلى عنهم، فهم يفعلون بالاستقلال.
ب - واما انه اذن لهم عند ايجادهم ولكن عند صدور الفعل يجدد الاذن.
ج - واما انه اذن لهم عند ايجادهم واستمر هذا الاذن إلى أوان صدور الفعل من باب ان الممكن يحتاج في كل آن آن إلى فيض دائمي من واجب الوجود * (وما كان عطاء ربك محظورا) *.
وقال تعالى: " يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد " (1).
فدائما إرادة الله مساوقة وملازمة لكل فعل.
والاحتمال الأول باطل لأنه تفويض يؤدي للغلو ويأتي نفيه.
والثاني لغو، لكفاية الاذن الأول عن الثاني، إذ المراد هو تصحيح عمل الولي في التصرف والاذن المستتبع والمستلزم للفعل يكفي في رفع الاشكال.
اما الاحتمال الثالث فهو احتمال وجيه، إذ انه بعيد عن التفويض المنهي عنه. كما أنه لا لغوية لعدم تعدد الاذن، إذ لا اذن سابق ولاحق، بل هو اذن واحد مستمر من إله واحد لا يصدر منه إلا واحد.
ولكن يمكن ارجاعه إلى الاحتمال الرابع الآتي أو عدم الحاجة اليه مع صحة وتمامية الاحتمال الرابع.
وبعبارة أخرى: هذا الاذن يرجع إلى العلم بالفعل، فالولي يعلم ان الله قد اذن له مسبقا، وان اذنه مستمر إلى أوان الفعل، فعلم الولي متقدم على إذن المولى بالتصرف.
نعم علم الولي متأخر عن اذن المولى بعلمه، اي ان اعطاء المولى ومنحه تعالى العلم للولي متقدم على حلول العلم في الولي، واعطاء المولى ومنحه هو إذن منه تعالى، فتقدم الاذن على علم الولي.
فرجع العلم إلى الاذن، ولكن ليس إلى اذن الفعل بالتصرف، بل إلى اذن العلم برضى المولى بالفعل.