الجب يرتفع الوجوب عن الكافر في كليهما كما سبق بيانه آنفا.
وقد يفرق بينهما بأن الحديث في مقام الامتنان، ونقول في الجواب:
أن في باب الضمانات وحقوق الناس لا نقول برفعه، لأن من رفعه بالنسبة إلى بعض منة يخالف حق الآخر ويخالف المنة على الكل، وأما بالنسبة إلى وجوب الغسل ورفعه في الكافر لا يلزم شئ بل رفعه منة عليه كما هو مقتضى قوله (التوبة تجب ما قبلها) حرفا بحرف.
وبعض فرق بين الوجوب التوصلي والمقدمي والنفسي وغيره. و فيه: أولا إنه لا فرق بينها من جهة الوضع والرفع، وثانيا الغسل والوضوء يمكن استظهار استحبابهما نفسيا. وعلي أي حال إلى الآن لم نجد الفارق بين وجوب الغسل ووجوب غيره، ورفع الثاني بمقتضى (الإسلام يجب ما قبله) وعدم جريانه في الأول، ولم يتبين لنا هذا المعمى والأولى الاعتراف بقصور الباع.
بقي هنا إشكال على كلام صاحب التكملة حيث قال: لا تجري أحكام القضايا في الكافر الحربي لعدم احترام ماله ودمه ويأخذ المدعي من ماله بدون إقامة بينة وحلف - الخ.
أقول: لو تراضيا الحربيان على حكم حاكم في صورة الخصومة بينهما فعلى مبناه لا يحكم حاكمنا بينهما، لعدم احترام مال الحربي ولا يحلف لعدم اعتقاده بالله تعالى. وهذا خلاف (فاحكم بما أنزل الله إليك) وخلاف (لا يحلف إلا بالله). فالنتيجة إنا نحكم بينهم على طبق البينة والأيمان ونحلفهم بالله ونعتقد نحن بالله، وإن كان هو لا يعتقد به تعالى فيأخذه أخذ عزيز مقتدر